كيوبيد 4

التذكير بالجزء الثالث :
يتعرض كريم للنصب من قبل كيو لانه حاول خداعها، ترحل كيو الى مكان مجهول و تنتظر منه اتصالاً كي يعتذر ..
______________________

كيوبيد 4

رن هاتف كيو برقم غريب ، رن عدة مرات ولم تجيب، لا مزاج لديها اليوم للعمل، ارسل صاحب الرقم رسالة : "من الاحترام الاجابة على الهاتف"

لم تهتم ، فآخر ما تحتاجه كيو الآن رجل متباهٍ برجولته..

شعرت بأنها تختنق، تروادها افكار الانتحار أو العودة ، لا امل ، هو لن يعود ، لن يحب فيها سوى ذلك الجزء الذي تجيده في العمل ، العمل و فقط العمل ، تسرع لتمسح تلك الدمعة قبل ان تسقط ، ما زالت قبيحة عندما تبكي ..تحن للردود على مشاكل القراء، و نشر خواطرها الحمراء. تقرأ ما ورد من بعيد لا تريد أن يشعر احد بوجودها ، تحتاج فترة من العزلة لتهدأ ..

 خرجت لمطعم رائع راقي، يطل على شارع غربي ملئ بجميلي المظهر شقر الشعر زرق العيون، انتظرت كوباً كبيراً من الشاي ليبرد ، واضعة يدها تحت فكها و مستغرقة في تأملها الذي يلهمها جمل بطاقات الحب و الفلنتاين، مضت نصف ساعة و لم تشعر بشئ ، ترتشف قليلاً من الكوب و تعاود التأمل ، رن الهاتف مرة ثانية ، ذات الرقم المجهول ، قبله وصلت رسالة : الا تحبي رؤية صديق قديم؟

اجابت : لا ..

ارسل : لست من تتوقعين اجيبي فقط على الهاتف . لدي مفاجأة لك .

اجابت كي تكسر روتين الهدوء الذي تقتاته منذ رحيلها الاخير : "حسناً اتصل" ، لمجرد التسلية ...

كيو : نعم .

هو : مساء الخير ..

كيو : نعم ..

هو : ردي التحية اولاً ..

كيو : نعم ..

هو : ما زلت تلك العنيدة ذات الرأس المتحجر ..

كيو : نعم ..

هو : انظري خلفك ..

نظرت كيو خلفها كان هناك شاباً أسمراً ، في منتهى الاناقة و الوسامة ، بندبة ظاهرة في خدة الايسر ، ينظر اليها من بعيد ..يرتدي نظارة طبية من الطراز الحديث و الغالي .

كيو : من انت؟

نهض الشاب متقدماً اليها ، لم تتغيري كثيراً ..

كيو : تشبه صديقنا  بدر ، عدا هذه الندبة و انفك يبدو اصغر ، انت اخاه؟

بدر : كفى كيو انا هو لا تمزحي ، تعرضت لحادث و الباقي أثر عمليات تجميل..

كيو : شئ مؤسف، لكن صدفة جميلة تفضل ..اسفة لعدم الرد كنت بمزاج سئ .

بدر : كريم يجعل الجميع بمزاج سئ ..

كيو: لا بد ان واي فاي نشر الخبر ، ولم َ جعلك كريم تشعر بالسوء؟

بدر: لانه جعلك ترحلين، لاني لم اعمل بشكل جيد منذ اشهر ، كنت ابحث عنك في كل مكان ، تغلقين كل شئ هرباً ، تجيدين الاختفاء بإحتراف ..

كيو : ماذا يريد كريم ولمَ بعثك ؟

بدر : افيقي كيو ، كريم مجرد عضو في المؤسسة ، نحن من علمناه كل شئ، انت تعلمين انه مجرد غبي فاشل،  لو تعرفين عمله الحقيقي لما غضبت كل هذا الغضب ..

كيو : لا تتكلم عنه هكذا انه صديقنا ..

بدر : انه صديقي ايضاً ولولا هذا لكان الان متشرداً ، انه يستغل صداقتنا كيو من اجل ان يصل لما يريد ..

كيو : كريم يعمل بجد ، كنت اعمل معه ..

بدر يضحك : نعم بجد ، اتعرفين ما اختصاص كريم؟ انه اختصاص جذب الطرف الاخر ، لا فتاة تعصي عليه ، انت فقط من تمرد ..و اتعجب ما السبب ..هو لايهتم للوطن كيو ، ولا للناس ، افكاره جميعها مغلوطة و مقلوبة ، يسعى للشهرة و السلطة ، الاغبياء فقط من يسعون للسلطة و النفوذ .

كيو : لو كنت ادخن لاشعلت الان سجارة ، ماذا تريد ايها الصديق؟

بدر : عودي معي.

كيو : لا..

لاحظت كيو خاتم زواج في يد بدر و ارادت تغيير الموضوع : انت ذكي بدر لما تزوجت مبكراً؟

بدر : طيش  شباب ، ماذا تريدين لتعودي؟

كيو : اتركني و شأني ..

بدر : ستموتين حزناً او تصبحين مجنونة ، عودي معي سأعتني بك ..

كيو : سيعتذر و سأعود ..

بدر : كريم لن يعتذر لك ، انه اكبر متعجرف رأيته ،اتعتقدين اني لم اطلب منه ذلك؟

كيو : لمَ لمْ يعتذر؟

بدر : قال انه لم يخطئ بحقك و لن يعتذر انت رحلت باختيارك ، و ستعودين لوحدك ، لكن سأساعدك في تحقيق احلامك ، فقط عودي ..

كادت ان تغادر فأمسك بيدها،

كيو : اتركني .

نظر في عينيها بغضب .

بدر: ستعودين بمزاجك او رغماً عنك .

نظرت الى عينيه لحظات ، شئ ما جعل قلبها يدق، ربما هذه الكلمة هي من جعل قلبها يتعلق بكريم اول مرة ، عندما قالت له في الجامعة: سأغادر مبكراً خالتي تزورنا في المنزل، فقال لها : " ليس بمزاجك، لن تغادري "

طبعا كان يمزح ، لكن الكلمة كانت جميلة في اذنها، المرة الوحيدة التي جعلتها تشعر انه يهتم بوجودها .

كيو تأخذ حقيبتها اليدوية و ترحل ..

فكرت في البيت ملياً، تريد العودة بأي حجة كانت، تريد ان تساعد كريم حتى لو من بعيد. انتظرت اتصال بدر و هي تعلم انه سيتصل ، هو مصر على عودتها ولن يعود خالي اليدين، لطالما كان يحقق ما يسعى اليه .

في الساعة ال12 رن الهاتف برقم بدر ، وصح حدسها، اجابت :

كيو : نعم .

بدر : اريد ان نتحدث .

كيو: قل ما تريد الآن .

بدر : انزلي لي او اصعد لكِ.

كيو : إن طرقت بابي ساضربك بالرصاص.

بدر : هل لديك مسدس؟

كيو : نعم.

بدر : هل تجيدي استعماله؟

كيو : لا لكن سأستعمله على أي حال .

بدر : حسناً يا عنيدة انزلي انت .

نزلت كيو و شال على كتفها ، وجلست مع بدر تحت عمود النور ثم ضحكت ، سألها عن السبب؟ قالت :" لو كنا في الوطن لرجمونا بالحجارة "، وضحكت بصوت عالٍ

كان بدر يراقبها و ينظر في عينيها ، وقال :" هل تعلمين انك جميلة جداً ؟ كيو لا تحزني لاي شئ ولاي شخص ، انت اميرة لا احد يستحقك، لا كريم ولا انا ولا أي احد ".

كيو تدمع عيناها : لم يقل احد لي اني جميلة ، سوى امي .

بدر : اعلم ، ولا اعرف لم اراك جميلة ؟

كيو (دامعة): انت وقح  .

بدر : سامحيني يا حسناء انا امزح.

كيو : من انت ؟ يستحيل ان تكون بدر، يستحيل ان تكون معي و صديقي ولا اعلم عنك شيئاً؟

بدر : حلمت بك كل يوم من حياتي، ولا زلت ، انت لا تحبين كريم انت تحبين ما علمته لكريم، كنت اغمض عيني واتخيلك و اقول له كيف يعاملك و ماذا يقول لك ، كنت اخجل من شكلي و تلعثمي امامك، انظري لي الان، من شخص عادي بعيوب نطق الى مدير فرع ناجح، كنت افعل ذلك من اجلك كيو، كي اكون مناسباً لك ، ثم سمعت بعودتك لكريم و تزوجت كي انسى، ولكن انظري مع من اجلس الان؟

كيو :أين كنت منذ عشر سنوات؟

بدر : لا تتكلمي عن هذا الان ، لنقل انه الوقت المناسب للقائنا ، كانت لديك تجارب ولي ايضاً ، قولي لي كيو بما تحلمين و سأحقق حلمك، هل ترغبين بالزواج من كريم؟

كيو : انت مباشر جداً و سأكون مثلك ، لم افكر يوما بزواجي من كريم ، كل ما حلمت به ان يهتم بي ، ان يحبني ، محتمل اني كنت اغار من الجميلات حوله و وددت لو اكون احداهن .

بدر: انه الرجل الاكثر برودة احساس ممن قابلتهم في حياتي .

كيو : لاتخبرني .

بدر : حسناً سأفكر في شئ ما، يجعلك تعيشين التجربة و تقررين ماذا ستفعلين الباقي من حياتك ، وهل من تضحي من اجله بسعادتك  يستحقها ام لا . تصبحين على خير يا برنسيسة .

كيو : تصبح على خير ، شكرا بدر .

بدر : أي شئ من اجل ابتسامتك يا برنسيسة .

.....................................

تمت دعوة كيو الى حفل لم الشمل ، وهي حفل سنوي لخريجي الجامعات ، طلب بدر من كيو ان ترتدي فستانا كالاميرات مع تاج على الرأس ، حضر الجميع مع غياب القليل، الحفل كان مبهجاً جداً، كان هناك كريم ايضاً يرتدي بدلة تليق بعريس في ليلة زفافه ، الحفل اقرب بحفل تنكري على مستوى راقِ. طيلة الحفل كيو و بدر يتراسلون بالمحمول، احيانا يضحكون و يتناقشون بإمور عديدة، بشان اصحابهم و كيف تغيروا وتغيرت اشكالهم و احوالهم ، في نهاية الحفل كانت هناك مفاجأة ، تقدم المشرف على الحفل ليطلب من كيو و كريم التقدم الى المنصة بإعتبارهم اكثر شخصين وجدوا شهرة على مستوى العالم ، الرسائل تتواصل على محمول كيو ليخبرها بدر ان هذه من افعاله، ثم اجتمع الجميع يتوسطهم هي و كريم و تحمل بيدها باقة ورد جميلة جداً ، ووصلتها رسالة من بدر  تقول : ما رأيك بذوقي في الورد؟ عاملي بدلة كريم بلطف انها بدلة زفافي .

ضحكت كيو كثيراً و تصورت مع المجموعة ، بدر كان يقف في طرف اليمين ، مع واي فاي و باقي المجموعة ، كيو وكريم في الوسط، بدت الصورة كأنها من حفل زفافهما .

انتهت الصورة و نظر كريم لعيناي كيو قائلاً : هلو كيو كيف حالك؟

ابتسمت كيو و قالت : هل تعلم كريم ، لديك بعض الاشياء الجميلة ولكن ابق بعيدا عني ، انت تثير اشمئزازي..

و اعطته باقة الورد بقوة و ذهبت تبحث عن بدر..لم تجده في الحفلة . شغلت نظام التعقب، كان يلف الشوارع، كانت تتمتم :" هيا بدر ، لا تتركني ، ليس الان .. " فوجدته  آخيراً على ساحل  يقف متكئ على سور الشاطئ، يراقب النوارس، كيو لم تتكلم ، فقط اقتربت منه، لفت ذراعها حول ذراعه ، ابتسما .. و اكملا التأمل معاً ..