شريط المواضيع

13‏/2‏/2014

ناقصات عقل و دين

يجلس وحيداً ، تقترب هي منه أسلوب ناعم ترف ، لتطلب منه الانضمام الى مجموعتها المكونة من بنات و شباب طموحين و
يجلس وحيداً ، ليس في المكان فحسب بل في هذا العالم ، افكاره تخصه ، غريبة قليلا بالنسبة لباقي الناس ، عادية و منطقية بالنسبة اليه، يقول لامه دائماً في موضوع الزواج انه لديه احلام لم تتحقق بعد، هناك الكثير من المتزوجين ينجبون (عفاريت) ولا داعي لان يساهم في زيادته، لقد ولد لشئ اسمى، لا يحققه سواه.
المكتبة هي بيت الزوجية بالنسبة اليه، خريج معهد ثم جامعة ثم دراسات عليا، بحوث و كتب ، هناك بعض الشيب ظهر في مقدمة رأسهِ، يدمن تويتر احيانا ليكتب عبارات ضد الحب و اعياد الحب ، يكرر عبارة " ناقصات عقل ودين " على كل قصة حب فاشلة يسمعها .
يهرب و يبتعد، عن اعين المتطفلين وشكرا للمجتمع المتخلف الذي جعل من المكتبة مكان راحة وهدوء و استجمام له، حتى ازعجته هي بالضحك مع الاصحاب و النكت الشبابية و القفشات التي تثير غيضه، و يأسه من الجيل الجديد الفاشل.
يتغامزون و يتلامزون و يكاد يجزم انهم قد اطلقوا عليه القاباً او شبهوه بممثل او شخص قد مات منذ مئة سنة! عينه من مجتمعه ع الذي يتهمه بأنه معقد او مصدوم من تجربة فاشلة او انه مريض بمرض يخص الرجال و غيرها من الاسباب الكاذبة التي اخترعها عقلهم الفارغ !
لا يهتم ، يكمل كتابه الذي يفرحه، الشئ الوحيد الذي يفرحه.
اقتربت منه و حاولت ان تتودد اليه بأن يساعدهم في شرح مادة صعبة لانهم يحاولون كتابة بحث يساعدهم في رفع مستوى درجاتهم المتدنية، مساعدة وليوم واحد لا بأس .
اليوم الثاني: صباح الخير شكراً لمساعدتك هل يمكن ان نعزمك على فطور معنا؟
هو : لا شكرا لدي عمل .
هي لمدة خمس دقائق ، سأساعدك في الامور الكتابية ان احببت .
هو : حسناً.
لم يكن الطعام مع هذه المجموعة سيئاً فلديهم عيوب ولكن لديهم مميزات و احلام و مواهب و لديهم افكار خاصة بهم ، لطالما كان يؤمن بالرأي الاخر .
اليوم التالي نفس المجموعة دعته للجلوس، بدأ يستمتع بالكلام معهم و يضحك احياناً و يخطف احياناً اخرى نظرة الى الجميلة (منى) لم يكذب من اطلق عليها تلك التسمية، ، يجزم انها منية كل رجل لكن مهلاً انظروا من يكره ان يصطبح بهكذا ملامح؟ و ان يغفوا وقربه هذا الخد؟ وان يتكلم فترد عليه تلك الانفاس، ان يخفق قلبه لتلك الطيبة و العفوية ، ان يلمس تلك اليد الناعمة البيضاء! لتفاجأة مرة على انفراد ، سأطلب منك طلباً ، ارجوك لا تتعلق بي فأنا لست لاحد ، انكر رغبته في ان يسكن قلبها، استمر في المحاولة و الملاطفة ، كانت قريبة جداً قرب المطر من الغيمة ، كل يوم يراه فرصة ليبدأ من جديد سباقه ليطلب المودة ، غير عباراته على تويتر بعبارات ملئها التفاؤل و الحب و الامل، و وضع زهرة حمراء كتب تحتها الى من ملكت قلبي وعقلي ! 
كانت تستجيب بسرعة ، كانت حركاتها متوقعة، تعتذر عندما تغيب كي لا يقلق ، تعتذر عندما تخطئ كي لا ينزعج ، تسأله هل هذا الكلام يناسبك ام لا؟ كثرت اوقات جلوسهم على انفراد ، تبدو مستمتعة كما هو ، وكلما اصدر تلميحاً قالت كلمتها المعتادة : لن اكرر كلامي لقد قلت لك مرة انا انسانة حرة و اريد ان ابقى حرة ، لو تزوجت في يوم من الايام اعلم ان اهلي قد زوجوني غصباً باحد اقاربي . و سيكون هذا بعد عمر طويل جداً.
-هل انت مرتبطة؟
- لا، انا منشغلة و الارتباط التزام، لا وقت لدي.
لم تتدخل في شأنه ابداً ، لم تسأله ولا مرة واحدة لماذا لم تتزوج ؟ اعتبرت ان الموضوع خاص رغم انه كان السر الغامض بشأن استاذ الجامعة الاعزب هذا.
يكثر من الهدايا اليها بأسباب واهية ، يخشى بأستمرار ان ترفضها لكن كانت تقبلها و بسرور ، ولم تبادله الهدية مطلقاً.
كانت تعتذر لاسباب اجمل منها، مرة لمساعدة الفقراء، مرة لاحتفال وطني او ديني، مرة لمظاهرات من اجل حقوق الفقراء، تعددت الاسباب و اشتياقه واحد.
عندما حاول ان يجعلها بقربه وقتا اطول ، وامسك يدها عن دون قصد لتجلس، ثارت ثائرتها ولم تعد تتصل او تعتذر او تخبره عن مكان تواجدها.

اكثرت الغياب و يراها تجلس برفقة الاصحاب ولا تدعوه، احيانا يقترب فتغادر هي ، اسرّهُ احد اصحابها المقربين ان :هذا طبعها ، تجعل كل الرجال الذين لا تثيرهم اي فتاة يعجبون بها ثم تغادر"
- تغادر الى اين ؟
- " الى رجل اخر بالطبع"
الكلام جعله مربك ، غيور، يشعر بالغباء لاول مرة ، بانه مخدوع، بانه سقط في الفخ الذي يحذر منه باقي الرجال وعلى مدى 40 عاماً!
-لم يعد يجلس في المكتبة ، شاهدته ذات صباح والقت التحية و سالته : لم لم تعد تجلس معنا؟
-ولمَ اعود؟ 
كان يحتاج كلمة واحدة ليضحي بحياته الباقية من اجل تراب اقدامها، فقط لو قالت عد من اجلي !
كان غاضباً فقال:" ساختفي الى الابد كي لا اشغلك عن مشاريعك الانسانية "
هي : " انا لا اتكلم عن نفسي ، من فضلك عد من اجل الباقين هم لا ذنب لهم..انت تسليهم وتنفعهم و توجههم ".
عد من اجلهم!! تلك العبارة جعلته يشعر بانه مونولوجست مستأجر ! هذه اكثر فكرة مؤدبة طرأت على باله.
لابأس انه اكبر من تلك المواضيع ،لديه مشاريع بعلو السقف اهملها ونسيها كي يوفر لها وقتاً،  يعلم جيداً تلك النوعية ..درسها حتى !
انها خليط من شباب طائش على غرور على جنون عظمة على سوء تربية على تجارب في وقت مبكر، جلس ليلاً ليكتب عبارته الشهيرة باسلوب جديد وعن تجربة 
" ناقصات عقل وقلب "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق