شريط المواضيع

17‏/1‏/2013

راحت الشبكة ..واجتي الشبكة



مضطرة كي اصدر جوازاً،  ان اجلس هنا، مع عجائز القرن الماضي،  والفقراء ومن لا معيل ولا واسطة سوى الله وايات القرآن التي  تتلى لتسهيل الامر،  لان ذوي الملابس النظيفة لا يقفون في طوابير بل تفتح لهم الابواب وتشرق بوجوههم الابتسامات ،أنا اجلس  في مكان يخجلني ان اذكر رائحته ، بإختصار ينقصه جسر التنهدات ليصبح مدينة البندقية .
بدأت الحكاية عندما ذهبت مع صديقتي لدائرة الجوازات ،مع اني كنت املك واسطة قوية لكني احب ان اكون من الطبقات الكادحة لا احب ان احمل على اكتاف الفقراء كما يفضل البعض ، ولمدة اسبوعين ،  انا وهي نتنقل بين العمل والدائرة والاستماع للاسماء عسى ان يحالفنا الحظ بسماع اسمها .
بالمناسبة لدي (واسطة) لكني لم استعملها ..احببت تعب المواطنين الكادحين وتلك كانت المشكلة!!
لم يكن هناك مشاكل على قدر مشاكل الغير، فهناك من اعادوا معاملتها بسبب قدم الجنسية او قدم الصورة او ذكر الاسم الرباعي او اللقب في شهادة الجنسية او عدم وضوح الاسم او البصمة او عدم وجود بطاقة سكن وهم محكوم عليهم بالتاجيل والحبس الاجباري داخل حدود الوطن وعدم الاعتراف بهم كعراقيين. اما لو كانت عزباء واباها مريض او متوفي و بطاقة السكن باسمه، فعليها تجريب طابور اخر طويل قبل هذا الطابور :)
 كل شئ سار على ما يرام الشئ الوحيد الذي قصم ظهورنا هو شبكة الانترنت ، وهي كقلب العاشق ( رايح جاي)، ذكرني بأخي الذي يجن لو انقطع النت يكاد الدخان يخرج من هاتفه المحمول على كثرة اتصاله بهاتف صاحب شبكة الانترنت و اخي مجرد انسان فارغ يشغل وقته بالشات ، كيف لدائرة مهمة مثل دائرة الجوازات أن تهمل الاشتراك؟حسناً لو كانت الامر خارج عن السيطرة هل من موظف ممكن يقبضون الملايين ان يشتري فلاشة انترنت كي يسير امور المسلمين؟ اراهن ان الجميع يتكلم عن الدين لكن لا يعلموا عن الاسلام شيئاً !

بعض السيدات الشرسات امسكن بشباك الاستلام ولا اعرف لماذا رغم انهن يسمعن كلام جارح طوال الوقت و زجر الموظفين ايضاً، احداهن طرقت الشباك بعنف وانبت الموظف قائلةً: لماذا لا تجيبني؟الى متى انتظر؟ اذا كان الانترنت مفصول لماذا تجعلونا ننتظر هنا؟
لا فائدة الشباك مغلق، الضابط ذو الانجم العديدة يتناول اكواب الشاي، واحداً بعد الاخر. بصراحة حاولت ان ادخل كاميرتي لاصور تلك الازدحامات والعجن البشري لكن ممنوع دخول الكاميرات والموبايلات ، مع اني شاهدت نصف من موجود يحملون موبايلاتهم معهم ، تمنيت لو صورت سواد العبائات ودخان سجائر الشيوخ والمتعبين من الملل، بعضهم ينتظر منذ شهر ،الجواز موجود لكن مفقود،  والانتظار قاتل وبخاصة وقت فتح الشباك وسماع كلمة : اجتي الاشارة ، وراحت الاشارة !
كانت صديقتي تخرج منذ السادسة والنصف صباحاً وهي صاحبة اطفال وتعود الساعة الرابعة عصراً مرهقة لا تقوى حتى على الصلاة .ومن يفكر بصديقتي او بعملها او بأي شئ؟ ولماذا يهتمون؟ فكل الموظفين الان يتمتعون بقلب الجراح المحترف اذا عطف على المريض رعشت يداه وقتله !لا عواطف في العمل .
 المستفيد الوحيد في هذا الامر هو من يذهب هناك لغرض المعاكسة، فأن كنت من عشاق المعاكسات فعليك بالجوازات ..

هناك تعليقان (2):

  1. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    أسلوبك جميل يا نور ما بين السخرية و الألم ، لا أعلم لماذا تتشابة أحوالنا في الدول العربية إلى هذا الحد في السلبيات، فالعراق يشبة مصر و ليس المغرب منهم ببعيد ...
    تحياتي لقلمك المعبر :) ... دمتِ بخير .

    ردحذف
  2. ربما جميعها هكذا
    هكذا كل الادارات
    هكذا كل الطوابير
    بل هذا نحن كلنا

    ردحذف