شريط المواضيع

1‏/11‏/2012

حديث اهل (الكية)




في العراق فقط لا حاجة لان تدرس الاقتصاد و العلوم السياسية في الجامعات الاجنبية الغالية  ، ولا داعي لمتابعة اخر اخبار الرياضة والمنتخب العراقي و اخبار الوزراء والمختلسين و....غيرها من الاخبار.. يكفي ان تخرج صباحاً بين الساعة الثامنة والتاسعة (وقت الذروة في البث المباشر) حيث ما زال المعلقين السياسيين و الاخباريين والاعلاميين نشطين .
لا داعي للاستغراب لو لاحظت انهم لا يرتدون ملابس رسمية قد تجد هؤلاء الاعلاميين في السفاري اوال(دشداشة) العربية والشماغ او حتى سيدة ترتدي العباءة .
وربما لا يحمل  هوية نقابة صحفيين ولا محامين ولا (بطيخين) ، لكن دمه الذي يغلي وعصبيته في الدفاع عن (القضية) يجعله
برلماني حذق !
وربما ايضاً يعمل بائعاً للخضار ، أمياً ، يخلط بين الكلمات (السياسية) وبين اسماء (المحتلين والمختلسين واعداء الوطن والدين) ولا يحفظ مصدر معلوماته ولا القناة التلفزيونية حتى لكن لديه قضية – سمعها ونقلها نقلاً ببغائياً-  يحب ان يدافع عنها وينتصر .
حديث الكية يدور اولاً عن الكهرباء ، ويدفعني حظي التعس بين اللحظة والاخرى للاستماع – مجبرة لهذا النقاش  الازلي-
وبعده يأتي الاتهامات لفلان وفلان وفلان ومن ثم فلان، اما الخطوة الثالثة هي المقارنة بين ما قبل السقوط وما بعده حيث يؤكد اعلاميو الكية انها كانت افضل ولا اعرف كيف تمت مقارنة الفرق الارض بالسماء؟
ويزداد حدة النقاش عند نقاط التفتيش تحديداً ويبدأ التذمر من هذا الوقت الضائع –باعتبار مواعيدنا اللندنية ستتعطل- فأن كان الشرطي يعرف السائق ومررنا دون تفتيش قالوا: هو هذا تفتيشكم؟ ! – حرنا والله !!-
ثم ينطق احد المتحدثين الرسميين عن النظام السابق بقوله : هل هناك سابقاً هذا الازدحام او هذا الطابور على البانزين؟ كم وددت لو اجيبه : على اساس كان لديك حذاءاً جديداً كي تملؤه بانزين !
المضللين للناس البسطاء يختارون كل هم هب ودب وبصراحة لا اجد من يحرق دمه الغالي هكذا في العمل او البناء فما اكثر مشاهد الراحة التي شاهدتهاعندما تم بناء شارع في مدينتي حيث توسط المهندس النفق المبني على كرسي وفي يديه عصير وربما يسامره صديق – لدفع الملل –  وينهي العمل في شارع  واحد بسرعة البرق لا يتعدى السنتين ، وما اكثر ما رأيت المهندسات يتبادلن الحديث والافطار ولا يراقبن العمال ، ولماذا يراقبن – من راقب الناس مات هماً- ومات مبكراً ، المهم قد جاء التعيين وحتى العقد المؤقت يبدو جيداً فهو دافع للخروج من البيت ولبس الموديلات المكدسة في الدواليب ! و طالما كان اخي يشكو من جهلهن بال(خبطة) التي توضع في الاساس عندما يفحصها بعدهن ينثره كالتراب ! لا مانع لو كان بيتاً ، انما المدرسة والمستشفى ليست لاحد بل للجميع وتحت سقفها فلذات اكبادنا .
ولم اجد معلم يعطي هذا الحديث الشيق للطلاب في الصف أو يعرفهم بشاعر أو وضع سياسي يجعلهم متفتحين الذهن ، المنهج فقط ولا غير، وتجده يسأل كل ربع ساعة عن الوقت بأنتظار موعد الخروج للبيت ، فالقلة الان من يحترق من اجل الطالب فالدوام يبدأ بالتثاؤب وينتهي به .
لم اجد راكب يوماً يحمل كيساً اضافياً يضع فيه القشور او يعيد عقب السيكارة الى العلبة ، لم ارَ مواطناً صالحاً منتقداً للدولة يحاسب طفلاً يرمي بقايا الطعام والمشروبات في سلة النفايات التي باتت انظف مما حولها بكثير ،أو يمنعه من أن يعبث بها وينثرها !
ولا اجد اي بائع يهتم بنظافة محله او الرصيف  او يهتم به ويصلحه، فالرصيف على رأي جارتنا البدوية (مو مال ابو احد)
حديث الكية مستمراً ومطولاً ولا ينتهي الا بنزولك منها ، استغرب هل هو موجه من قبل جهات سياسية؟ او حتى تجسس وجس نبض الشعب ؟  ام ان العراقيين اصبحوا فجأه يهتمون بتوعية الناس ويعملون –لاول مرة- عمل اصلاحي بدون مقابل !..
بعد الساعة 10 موعد العودة يسود الهدوء في الكية ، يدفع بعض الصغار أن يسقطوا رؤوسهم طلباً في اغفاءة قصيرة ، فحديث الكية ووطنيتهم  بنصف دوام – والحمدلله-

هناك 5 تعليقات:

  1. الرائعة نور.. دائماً استمتع بقراءة تدويناتكِ الجميلة
    فانها سلسة وذات طابع موجود في يومياتنا ولكن تصيغيها بطريقة تجعل الواحد يتابع قراءتها حتى النهاية.
    حبيبتي حديث الكيات وسائق الاجرة-تكسي- وحتى في الطائرات، كل ماتحدثتي عنه عن المدرس وخروجه من الدرس فعلاً موجود، وللاسف.
    وعن البائعة السياسيين من غير هوية.
    وعن الجاسوسين وفعلا هم كذلك يحشرون انفسهم وانا لاحظت ذلك.
    نعيد ونصقل والاجر على الله.. شكراً لكِ حبيبتي دمتِ رائعة.

    ردحذف
    الردود
    1. تعطر المكان بك استاذة شنو الداوودي على قدر احترامي لك على قدر فرحتي بتعليقك
      شكرا لك من كل قلبي

      حذف
  2. صدقت يانور وما احوجنا اليوم الى ان نثقف انفسنا ومن حولنا فالوعي غائب عن جميع الميادين بدأ من المنزل وصعودا الى السياسي
    لا حرمنا الله طعم كبتك الشهية

    ردحذف
  3. ولا حرمنا من رعايتكم الابوية استاذ تحسين

    ردحذف
  4. عزيزتيي .. هذا حال العراقيين قلما يتفقوا على شيء وللان لم اجد لهذه الميزه شيء حسن .. وعندمل يقال الخلاف لا يلغي في الود قضيه .. صراحه اضحك .. فالخلاف لدينا يلغي الود وابو الود السابع ضهر .. وقد يصبح مفخخه او رمانه يدويه واو سلاح كاتم للصوت .

    شكرا لاسلوبك المنمق الساخر

    وليد صبر

    ردحذف