شريط المواضيع

25‏/7‏/2012

نهاية الكتاب المخيف



دخل اخي حاملا كتاباً ذو 100 و بضع اوراق لونه اسمر غلافه مرعب كاسمه ( اشهر جرائم القرن التاسع عشر) أخي الاكبر الثاني كان – المفروض – ذو قلب ميت فهو جندي في الثمانينات وحارب خمس سنوات على الارض الحرام وقد عاش قصص الموت والخوف منه ، حذرنا من هذا الكتاب قائلاً: "انه مرعب ولن تستطيعوا ان تكملوه وان قرأتم قصة فلن تناموا" وبما اني فضولية مع كل شئ يخفوه اخوتي وانا في المرحلة الابتدائية كنت احب مشاهدة الصور فلما شاهدت الصور عشت سنوات من الخوف كلما تذكرتها وليس ايام ولا استطيع شرح الصدمة والخوف عندما رأيت الاعدامات وصور الاطفال المقتولة وصور الرؤوس المعلقة على العصي مع انها رسوم لكن بالنسبة لكونها حصلت في الحقيقة هذا ما يهزك من الداخل عطفاً و تعجباً من  وحشية وجنون البشر!..
وهناك من قبل التحدي فاخي الاكبر الاول اخذ الكتاب وقال : انا لا اخاف ونحن نعرف أنه لا يخاف لانه يبات في السطح لوحده وهو امر مخيف لنا نحن الاخوة الصغار ولانه كان جندياً في الحرب ايضاً وتعرض لصاروخ قتل اصحابه و نجا هو بشضية في قدمه جعلته اعرج الى هذا اليوم.
المهم اخذ الاخ الاكبر الكتاب وصعد الى الطابق العلوي حيث غرفته وما ان قرأ منها بضع اوراق حتى هبط ونام بيننا في تلك الليلة!
وهناك من قبل التحدي ايضاً ابن عمي الاوسط الذي كان يدرس الطب فقد شرح الجثث ونام معها -كما يقول – وهو لا يخاف، وما ان فتح القصص حتى تغير لونه الى الاصفر الشاحب ما زلت اتذكر كيف كان يبدو حتى انه اصبح انحف وكان لا يتكلم عندما نكلمه !
وهكذا تناقل الكتاب من يد الى اخرى دون ان يجد من يكمله..
 وفي حرب 91 على العراق لا مدرسة ولا تلفاز لا اي شئ ، نهمي بالقراءة دفعني لاقرأ كل شئ واي شئ وكان من ضمنها الكتاب المرعب !! الكاتب يصف الجرائم بحيث تشعر ان اشباحاً وراءك وان الدماء اصبحت في اصابعك دبقة متعفنة !
وبعدها كبرنا وبقي ذلك الكتاب مغلق في المكتبة لا يجرؤ احد على لمسه وكأن الطبيب قاتل مرضاه سيخرج ليطعننا بحقنه في رقابنا كما كان يفعل في جرائمه
او ربما الذي يبقر البطون ، ولا اجد انكم تجدون هذه الاشياء مخيفة الان لانها اصبحت عادية فافلام الرعب لها قنواتها وشبابنا يقلدون اشكالهم 
وبعد ان تزوج اخوتي واعتادوا على ترك مقتنيات الشباب لمن هم اصغر سناً ومن شخص لاخر  وصل هذا الكتاب لي ..واحترت ماذا افعل به؟ هل اخفيه لاخيف به مراهقوا العائلة؟ كلا لا احد يستحق ذلك الرعب الذي ادخله الكتاب في نفوسنا ..
اذن قررت ان اتخلص منه فرميته مع اورق قديمة في النفايات الى غير رجعه..وهذا ما سافعله يوما ما في كل الجرائد العراقية التي تخبر العالم بأن العراق نصفين : نصفه لص  والاخر شحاذ !

هناك 11 تعليقًا:

  1. مقالة جميلة عجبتني

    ردحذف
  2. الف شكر اخ علاوي على مرورك ورأيك

    ردحذف
  3. خاتمة رائعة ست نور بوركت ِ

    ردحذف
    الردود
    1. البركة بدخولك استاذ يحيى ورمضان كريم

      حذف
  4. خاتمة رائعة جدا ست نور عاشت يديكِ

    ردحذف
  5. رائعة من حيث مدخل القصة و مخرجها و خاتمتها سلمت الانامل التي وظفت قلمها لتكتب بصرتها الصحيحة

    ردحذف
    الردود
    1. ويسعدني دوما تواجدك بحر الامل يارب دائما موجود تنثر الامل بيننا

      حذف
  6. ليتك جعلت من العبارة الاخيرة موضوعا بحد ذاته .. صدقيني اعجبني موضوع الكتاب ولكن صدمتني الاستعارة في نصفه لص ونصفه شحاذ
    ولا اعرف ان كانت مقتبسة او انها من بنيات افكارك المنيرة

    بالنسبة لموضوع الكتاب : نحن لدينا كتاب حصلنا عليه بالصدفة لمؤلف سمع به اغلبكم وهو ( قاضي السماء ) الذي لايزال هذا الكتاب (يترندح) وسط الكتب ولم يستطع عتاة قراء عائلتنا اكماله لما فيه من انحراف عقادي مقزز
    لاتزالين متميزة وتأبين الا ان تتفوقي علينا بلمحاتك

    ردحذف
    الردود
    1. تواجد متميز ومعطاء وبشأن الجملة الاخيرة نعم من بنات افكاري لكني لست سياسية ولا ارغب ان اكتب وادخل في هكذا مواضيع دعوني اكتب في ما افهم واعرف ولا اكون كالباقين :)

      حذف
  7. اسلوب سردي غاية في الروعة بتناسق المفردات وايقاع الطرح المتغير والبعيد عن النمطية

    ردحذف
  8. من ذوقك فنانا المتألق
    شكراً

    ردحذف