العراق بلد التمسك بالتقاليد و الاصول . يحمل من العادات ما هي جميلة احياناً وما هي ذات انطباع الهامي نفسي .
للفتاة العراقية التي تربى بصورة مغلقة بعض الشئ مع اعطاء مطلق الحرية للذكر كما في اغلب المجتمعات الشرقية.
لذلك فزفافها ليس فرحة لاصحاب البيت قد يكون اقرب للخجل فمعرفة ان هذا البيت كان فيه بنت يدعو العائلة الى الاحراج .
طبعا ليس في كل العوائل لانه سيتبادر الى اذهانكم هذا السؤال :"هل نحن في زمن الجاهلية"
كلا
طبعا وتلاشت هذه الافكار شيئاً فشيئاً لكن تقاليد الزواج ما زالت موجودة
ولن تزول من جيل الى جيل هي من يعطي نكهة الى ذلك اليوم التي تغادر فيه
الفتاة بيت العائلة الحصين الى بيت الزوجية لتبني لنفسها عشاً خاصاً بهاً
و فرح هي عروس عراقية حضرت عرسها التقليدي القديم مع انها من
عائلة ثرية ومثقفة حيث انها خريجة علوم فيزياء واخيها طبيب بدرجة بروفيسور وأخيها الأخر
مهندس مدير لشركة من اكبر شركات تنفيذ المشاريع في العراق.
إنما إصرار والدتها على التمسك بالتقاليد خوفاً على
ابنتها الوحيدة من الحسد أو أن لا تسعد بالزيجة التي كلفها الاقتناع بها كثيراً
فالشاب فقير ولا يملك بيتاً أي إن العروس ستشارك العائلة الكبيرة غرفة واحدة كما
هي العادة في المجتمع العراقي.
لكن هذا كان في السابق لان العروس كانت تتزوج وهي طفلة
لم تبلغ بعد فتعيش مع أسرة العريس كي تتعلم كيف تكون ربة بيت من الدرجة الأولى .
أما الآن فالأعمار تتراوح بين 18 و سنة كحد اقصى30 .. يبدأ من كلام ام العريس وام
العروسة والاتفاق ثم مجرد شكليات حضور نساء من طرف العريس وبعدها حضور عدد غير محدد
من اقرباء العريس من الرجال ممن يفتخروا بهم ما يطلق عليه بالعراقي(المشية) .
لنعود إلى مشهد العرس لنقول إن في بعض العوائل يجرون العقد الشرعي قبل يوم من الزفاف لأنهم يتشاءمون من رؤية العروسين
لبعضهما بعد العقد .
كانت فرح ترتدي جلبية بيضاء مناسبة أكثر للنوم من الأشياء
التي اشترتها مع العريس قبل فترة بالمناسبة
تكاليف العرس من ملابس إلى مهر إلى تجهيز بيت وذهب وكل ما يلزم هو على عاتق
العريس يكتفي أهل العروس بعمل إحدى الحفلات مثل الحنة أو العقد أو السبعة ودفع
تكاليفها .
كان عقد فرح يوم حنتها وتضع فوق رأسها وشاح ابيض خيط
عليه ليرات من الذهب الخالص وقامت كبار السن بوضع حبات من الهال ( الحبهان) ووضع
قدمي العروس في إناء فيه ماء وأوراق الأس وأظن
ان هذا التقليد لجعل رائحتها جميلة وأيضا كي لا ترتبك أثناء العقد فترفض حياءاً
وتوضع تحت إبطيها كافور وفي يديها الحناء لنفس السبب
وتقوم إحدى صاحباتها ويجب أن تكون بنت غير متزوجة بحك
قطعتين من السكر النباتي ذات الحجم الكبير فوق رأس العروس حتى يرها العريس حلوة
مدى الحياة .
وقام الشيخ من وراء الباب بحديث بسيط عن الزواج و تشريع
الله له وأكيد لم ينسى الآية الكريمة ".....وجعل بينكم مودة ورحمة"ثم
سال العريس مرة واحدة هل تقبل فلانة بن فلان
زوجة لك فقال: نعم اقبل..
سال العروس 12 مرة متتالية دون إجابة منها كي تسنح لها
الفرصة في التفكير ملياً..
هل تقبلين الزواج من فلان ابن فلان زوجاً لك بالمهر الفلاني إن قبلتي قولي نعم وأنت
وكيلي
فطلبت أم العروس من كل الحاضرات فتح اليدين وعدم شبكها
كي لا تعقد لسان العروس او ينعقد حظها .
للحظ تأثير كبير في حياة العراقيين فإذا أردت شتم شخص ما
عليك إلا أن تقول له( طاح حظك )..عذراً
وطلبت قريبة فرح أيضا أن يكرر الطلب للمرة ال13 حباً لأهل
البيت وفعلا كررها
وما أن نطقت العروس نعم وأنت وكيلي إلا والمكان ضج بالزغاريد بشكل مخيف يقشعر له
البدن
المكان كان يخلو
من قريبات العريس لأنه يوم مهم وتكثر فيه الأعمال والسحر هذا ما تخاف منه أم
العروس فكم من زيجات بطلت من تأثير السحر ..
و رحب الجميع بالعرسان الذين لم يروا بعضهم كل على حده
وتمنوا لهم السعادة .
ورحلوا وابتدأت مراسم الحنة وجاءت سيدة كبيرة في السن
تدعى ( المُلا بضم الميم والشدة على اللام) وحول العروس طبعا صديقاتها البنات
اللواتي يحلمن بهذا اليوم ويتبعن التقاليد التي تقربهن منه.
تحمل أربعة منهن كل واحدة طرف وشاح ابيض فوق رأس العروس
ليتم مراسيم إجلاءها أو (الجلوه) وهي قراءة آيات على العروس لتحصينها من الحسد
والخوف والسحر.
وتحمل أحداهن أيضا ويا حبذا لو كانت أختها شمعة كبيرة
طويلة مزينة بالشرائط ، إنما فرح أخت وحيدة فحملته صديقتها (ر) بدل عنها.
وراحت الملة تشدو بالقراءة من القران تارة ومن ما حفظت تارة أخرى
وكلما أنهيت مقطعاً غنت الحاضرات بصوت جميل
"يا حسنها في ليلة تُجلى بها" وأظن أيضا انه
لرفع معنويات العروس بأنها جميلة فتتغير ملامحها وتصبح جميلة فعلاً فنساء زمان
يفهمن في علم النفس وخصوصاً الإيحاء بدون
دراسة .
وانتهت الحفلة بأكلات بسيطة وعصائر وطبعا عروض الأزياء
المميزة ممن يرغبن بالزواج فهذه الحفلات أكثر الأماكن التي تأتي بها سيدات يبحث لأولادهن
عن زوجة جميلة و ترتدي العرائس السابقات ملابسهن الاحتفالية الغالية التي لم تستعمل سوى لمرة واحدة واختفت في أركان
الدواليب ..تحمل العروس حقيبة صغيرة لتجميع الهدايا من الأموال المعطاة لها من قبل
الحضور ما يسمى بال(الواجب) وهي لمساعدة العرسان على تكاليف العرس في السابق إنما أضحت
الآن مجرد تقاليد ..
وانتهت الحفل وجاء اليوم التالي موعد الزفاف لا تقاليد لا احتفال بيت العروس في حزن لان
شمعته ستنطفئ وتوقد في بيت أخر و العروس لم تكن حزينة بل كانت تستعجل الزفة لأنها
منزعجة من شعرها المصبوغ واللامع المشدود بقسوة ومرشوش بالمثبتات
و حشرها في فستان عرس ضيق عند الوسط
بالكاد تتنفس ..مسكينة فرح ، أتذكر أنها لم تتناول أي وجبة أكل خوفاً من
زيادة وزنها الذي كلفها كثيراً فالنحيفات اقل فرصة بالزواج وكان يجب ان تتناول اقراص لزيادة الوزن فترة طويلة لتجد عريساً.
وجاء العريس و(الزفافة) وهم أهل العريس و أصحابة فاخذوا
شمعة البيت مرددين (أخذنا شمعة بيتكم والفلوس ما تفيدكم)
بعض العرائس يباشرن بالبكاء لأنها تودع حياتها القديمة
بحياة أخرى عندما تخرج من عتبة الباب لن تعود كما كانت سابقاً ولأنها أيضا لن
تتحمل نظرة والدتها الحزينة " عذراً يا ابنتي الوحيدة لكنها سنة الحياة"
تركب مع العروس إحدى قريباتها كي تساعدها في حمل أطراف
ثوبها مترامي الأطراف .
لا اتصال للأهل طيلة سبعة أيام هذه شروط يجب تنفيذها كي
تتعود العروس على بيتها الجديد وتنسى عائلتها القديمة .
بيتها الجديد محاط بالمعجبات بجمال العروس وملابسها
الجديدة وهداياها وما أحضرته معها من بيت أهلها
و زوار أهل العريس والضحك والموسيقى إنما شئ مكسور في
داخل فرح يمنعها من الابتسام ، إنها تحن لوالدتها!!
فيضطر العريس لمكالمة الأم وتسألها : هل كل شئ على ما
يرام؟ فتجيب فرح: نعم .وتهدأ الأمور قليلاً.
نأتي إلى المشهد الأخير اليوم السابع تلتقي العائلتان
للتعارف على وجبة طعام دسمة ولكي يحضر ممن لم يستطيعوا الحضور في أول يوم والعروس
تتزين كما يوم عرسها وترتدي سبعة فساتين بسبعة ألوان ليتلون حظها بسبع سعادات ..لا
تسألوني ما هي السبع سعادات لأني لا اعرفها ..
فرح تقرص ركبة كل من تمر بقربها من الفتيات كي تلحقها
سريعاً
وبعد اليوم السابع تقوم كل من عوائل المقربة من العروسين
بعزومة على الغداء للتعارف وإزالة حواجز الخجل و الشعور بالغربة..
بعد مدة تتراوح بين الشهر والشهرين تقوم العروس بممارسة
كل أنواع العمل المنزلي كأي مواطنة عراقية صالحة بما يتناسب مع أكثر ثلاث عاملات أسيويات
فهي فضلاً على أنها زوجة فهييجب ان تكون( جويل) كل يوم ،و بنك و طباخة ومربية لطفلين في الاقل ومدبرة منزل
وخياطة و ممرضة وخباز وحارس وسائق أحياناً
توافقاً المثل الشعبي العراقي :"لا تفرحين بثوب عرسك يومين والعصا تِمِسّك
"..نهاية سعيدة
جميلة جدا العادات العراقية وقريبة من العادات المصرية في اشياء كثيرة
ردحذفصحيح اغلب العادات العربي متشابهة شكرا لرايك
ردحذفالحمدلله انك نشرتيها أخيرا يا عزيزتى
ردحذفجميلةطبعا و انت تعرفين رأيى و فيها كثير من المعلومات المفيدة لمن هو غير عراقى
تحياتى
اختي وحبيبتي شهرزاد
ردحذفاشكر مرورك نعم نشرتها لاني نسيتها حقاً وارجو ان تكون شئيستحق القراءة
مقال اكثر من رائع لكن ملاحظتى البسيطه هى ضرورة تكبير حجم الخط لكى يتسنى للقارئ القراءه بسهولة بالتوفيق فى المرات القادمه
ردحذفقيل لى من اصدقاء لى بالعراق ان الزواج يجب ان يكون من داخل العائلة .... اى من الاقارب ، فهل هذا صحيح ؟
ردحذفنعم في ا لارياف حيث هناك حق ( النهوة ) وهوحق تملك ابن العم للبنت وحرمانها من الزواج وقتل الخاطب ان تجرأ احد على كسر النهوه اما الزواج من العرب فهو امر مستبعد جداً
ردحذفكلش حلو عاشت ايدج بس اني اكثر شي عجبني المقطع الاخير
ردحذف